اتفاقيات أمريكية سعودية تشمل الـF-35 والدبابات والتعاون النووي والذكاء الاصطناعي

وتمثل هذه الاتفاقيات منعطفًا مهمًا في مسار الشراكة بين البلدين، وتأتي امتدادًا لمسيرة بدأت منذ تسعة عقود، تخللتها تحولات كبرى أثبتت خلالها الرياض وواشنطن قدرتهما على بناء علاقة تحالف ومصالح استراتيجية تتجاوز الأطر التقليدية.
وتُعد موافقة الولايات المتحدة على بيع مقاتلات F-35 خطوة ذات دلالة كبيرة، إذ تؤكد ثقتها في المملكة كحليف استراتيجي رئيسي، وحرصها على تعزيز قدرات القوات الجوية السعودية بأحدث الأنظمة القتالية في العالم. وتمثل هذه الصفقة نقلة نوعية ستعزز التفوق الجوي السعودي، وترفع مستوى الجاهزية العملياتية، وتواكب التطورات المتسارعة في البيئة الأمنية الإقليمية والدولية.
وإلى جانب ذلك، أقرت واشنطن بيع 300 دبابة حديثة للقوات المسلحة السعودية، وهو ما يعكس استمرار التعاون العسكري الممتد منذ عقود، ويؤكد مكانة المملكة كشريك أمني محوري في المنطقة.
أما الحدث الأبرز، فيتمثل في توقيع “اتفاقية الدفاع الاستراتيجي” بين صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – والرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وهي اتفاقية تُعيد مأسسة التعاون الدفاعي بين البلدين ضمن إطار شامل وطويل المدى، يضمن استدامة الشراكة وتطويرها بمستويات أعلى من التنسيق والتكامل.
وتمثل هذه الاتفاقية نقلة من التعاون التقليدي إلى التعاون المؤسسي المتقدم، بما يعزز قدرة البلدين على مواجهة التحديات المشتركة والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، ويمنح العلاقات الدفاعية بعدًا جديدًا يتوافق مع واقع القرن الحادي والعشرين.
وتُبرز الاتفاقية رؤية المملكة في تطوير صناعاتها العسكرية، والتحول إلى مركز لوجستي إقليمي عالمي للتصنيع والاستدامة، عبر نقل التقنية، وتوسيع برامج التدريب المشترك، ورفع جاهزية القوات المسلحة، وتعزيز قدراتها على تحقيق الردع الاستراتيجي. كما تعكس التزام الولايات المتحدة بمساندة المملكة في هذه التحولات، وهو التزام تتجلى مكاسبه أيضًا في دعم قطاع الصناعات الدفاعية الأمريكية وخلق فرص عمل جديدة داخل الاقتصاد الأمريكي.
وتؤكد الاتفاقيات أن العلاقة بين الرياض وواشنطن ليست علاقة ظرفية، بل شراكة ممتدة تقوم على المصالح الاستراتيجية المشتركة، والرؤية الموحدة تجاه أمن المنطقة واستقرارها. فمنذ اللقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت عام 1945، نجح البلدان في بناء مسار طويل من التحالف السياسي والعسكري والاقتصادي، لعب دورًا محوريًا في تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط، وحماية الممرات الدولية، وتعزيز أمن الطاقة، ودعم استقرار الإقليم.
وتشير مصادر البلدين إلى أن الاتفاقيات الجديدة لا تستهدف أي دولة، بل تهدف إلى تعزيز الأمن والسلم الدوليين، وتجسيد رؤية قائمة على الجمع بين الدبلوماسية والحوار من جهة، وتعزيز الردع والجاهزية من جهة أخرى، بما يضمن قدرة المنطقة على تجاوز التحديات والاتجاه نحو التعاون والتنمية.
وتأتي هذه الخطوة أيضًا في إطار دعم رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى بناء قطاع دفاعي متقدم، وتنويع الشراكات الدولية، وتعزيز حضور المملكة كقوة إقليمية فاعلة تمتلك أدوات التأثير والقدرة على حماية مصالحها الوطنية.
ومع دخول "اتفاقية الدفاع الاستراتيجي" حيّز التنفيذ، يُتوقع أن يشهد التعاون السعودي–الأمريكي توسعًا ملحوظًا في البرامج التدريبية، وتطوير القدرات التقنية، وتكاملًا أكبر في التخطيط العسكري، ما سيؤسس لمرحلة جديدة من العمل المشترك، ويُرسّخ مكانة المملكة شريكًا رئيسيًا في صياغة مستقبل الأمن الإقليمي والدولي.
